جسد له رأسان ( الفصل الثاني)
مر من الوقت أزيد من ساعتين استرجعا فيها الصديقان ذكريات الطفولة والكتاتيب وقطعة –الحرشاية- وحبات الزيتون وكسرة القمح , وكيف كانا يتنازعان على أكلها ... وهكذا استمر الحديث إلى أن وصلا إلى الجامعة وتخرجا فيها ومنذ ذلك الوقت لم يلتقيا فكلاهما اختار طريقا
هيه يا شفيق ماذا تشتغل الآن ؟ إني أرى أثار الثراء عليك بادية
ابتسم شفيق وقال : ماذا اشتغل؟ اشتغل مديرا عاما لشركة
قال حسان: مدير عام لشركة.؟
نعم مدير عام لشركة وتحت سلطتي أكثر من ألفي موظف .. وأنت الا زلت في التعليم
حسب ما أرى من كومة الكراريس التي أمامك .
نعم .. نعم يا شفيق ما زلت في التعليم , وهل لي غيره؟
لا.. ولكن هذه المهنة مع احترامي لقداستها لا تسمن ولا تغني من جوع سيما في أيامنا هذه
وانظر إلى حالي أنا ؟ وما وصلت إليه ؟ رصيد...سيارة.. فلتان.. معارف...
نفوذ ... سلطة.. جاه/ عقب حسان مستطردا.
نظر شفيق إلى ساعته الذهبية ثم وقف مستأذنا . ضاربا لحسان موعدا وقال له:أرجو يا حسان أن تزورنا أنت والأهل يوم الخميس الساعة الثالثة .. سيكون السائق تحت تصرفك.
شيع حسان شفيقا مودعا إياه عند مدخل الحارة , وعاد إلى البيت , أقفل الباب وراءه ... ضرب كفا على كف ..متمتما ... مزمجرا... : سن واحد؟ شهادة واحدة؟ اختصاص واحد؟ بلد واحد؟
والنتيجة غير ذلك؟؟؟؟....؟؟؟...
عندما كان حسان في تمتمته وزمجرته كانت زوجته خديجة وهي أيضا جامعية تتأمل زوجها وتتابع حركاته متسائلة عما به؟
وقع نظر حسان على زوجته .. تأملها جيدا ثم قال : ما جنيت من هذا – وأشار إلى تلك
الكراريس التي كان يصححها قبل مجئ شفيق, رفعها عاليا ورمى بها عرض الحائط , وهو يقول: بلي الجسد... وضعف البصر .. واحدودب الظهر..فهل لي من منقذ فقد نفذ الصبر؟
أحدنا ذو ثروة وثراء والآخر أهلكه الفقر, فهل يوما يطل القمر؟ واعفي من الورق والحبر؟
رمقت خديجة زوجها والدموع متحجرة في مقلتيها ثم دنت منه وضمته إليها وقالت:
لا بأس عليك يا حسان إن الله تعالى قد فضل بعضنا على بعض في الرزق , ولا تنس أن رسالتك تشبه رسالات الأنبياء والمرسلين ...وعلى كل فالحمد لله على ما نحن عليه.
ابراهيم تايحي