وضع المرأة عبر العصور
إن التاريخ لا يجامل أحدا , ولا يعترف بعصبة ولا عصابة ولا عبدا ولا سيدا , أمامه الكل سواسية كأسنان المشط , وقلمه لا يجف له مداد أبدا , فهو كالبحر في أحشائه الدرر, وكالسماء
فسحة في كبدها الشمس والقمر , وكالأرض وطبقاتها فيها وعليها الحلو والمر.
وفي هذا الكون الفسيح آيات وآيات وفي أنفسنا نحن البشر , ومن هذه الأنفس نفس آدم عليه السلام ومنها خلقت حواء ومنهما الاثنتين عمرا لكون , وتاهت الحاملة , ووضعت الأنثى حملها نصبت. سهرت , شقت, ذلت, استعبدت , حرمت أهينت..... وقليلا ما سيدت وعززت ...
حتى أنير الكون وانقشعت السحب الداكنة , وعاد الخروف آمنا من غدر الذئاب....
وقبل هذا استسمح التاريخ في إزالة الغبار وما ستر, وما دبر لكائن حي إن لم تكن شمسا فهي القمر, وإني أعني بها هنا تلكم الحرة السيدة المربية الحاضنة المطمئنة الساكنة الفاضلة , والتي طالما عدت من بقايا عين بعد أثر .
1- عند اليونان : كانت محرومة من حق التعليم والعلم , بل كانت تباع في الأسواق , ولا حقوق لها عند بعلها , وسعوا في التضييق عليها حتى صارت مع الدجال في كل شيئ , وصار الزنا أمرا غير منكر , وصار للبغايا دورا ومراكز سياسية , واتخذوا لهن التماثيل العارية , حتى أنه قيل أن * لافروويتا * خانت ثلاثة من آلهتهم وولدت * كيوبيد* آله الحب.
2- عند الرومان: الأب غير ملزم أن ينفق على البنت ولا أن يلحقها به , وله سلطة عليها حتى بعد زواجها , ويملك جميع أموالها , وكان أول قانون يعترف لها بحق الملكية * قانون جوستنيان* لكنه حرمها من حق التصرف دون موافقة رب الأسرة , والزواج عندهم يعد سيادة , ويعتبر البعل مالكا لزوجته و وله حق بيعها.
3- شريعة حمو رابي: حسبوها من المواشي , ومن قتل بنت رجل يسلم له ابنته ليقتلها
4- عند الهنود: في شريعة / مانو/ لا استقلال للمرأة عن أبيها أو زوجها أو ولدها , وإن مات بعلها قبلها تحرق - وهي هبة - في موقد واحد. ولا زالت بعض المدن تفعل ذلك إلى اليوم .
5- عند اليهود: الإصحاح 42 من سفر أيوب [ ولم توجد نساء جميلات كنساء أيوب , وأعطاهن أبوهن الميراث بين إخوتهن , فإذا وجد الذكر أخذ التركة كلها ...]
وفي التوراة [ المرأة أمر من الموت , وإن الصالح ينمو منها رجلا واحدا بين كل ألف وجدت , أما المرأة فبين كل أولئك لم أجد...].
6- عند النصارى: الزواج عند الرهبان يجب الابتعاد عنه .
قال القديس / توليان/ [ إنها من فعل الشيطان إلى نفس الإنسان , ناقضة لنواحيس الكون , مشوهة لصورة الله]
بينما القديس * سوستام* قال : [ إنها شر لا بد منه , وآفة مرغوب فيها , وخطر على الأسرة والبيت]
وبالنظر إلى القانون الإنجليزي حتى سنة 1805 , كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته بست بنسات, حيث أن رجلا انجليزيا باع امرأته عام 1931 بــ: 500 جنيه , واحتج المحامي بأن القانون يبيح ذلك , وردوا عليه بأن القانون قد ألغي.
وعند قيام الثورة الفرنسية أعلنت تحرير الإنسان من العبودية والمهانة ولم تشمل المرأة
ونص القانون المدني على أنها ليست أهلا للتعاقد , وأن القاصرين ثلاثة: الصبي والمجنون والمرأة . ولم يعدل الا سنة 1938
7- المرأة عند العرب قبل الإسلام: إن وضع المرأة عند العرب قبل ظهور وانبلاج فجر الإسلام لا يختلف عنه الأمر في الكثير من العادات والأحكام الجائرة التي سادت الأمم السالفة الذكر , فمن الاستعباد والإهانة والحرمان من متطلبات الحياة آنذاك كإنسان إلى الذل والاحتقار لدى غالبية القبائل العربية . الا أن المتتبع لوضع المرأة عامة لدى العرب وقتها نراه لا يخلو من ميزات عند البعض من القبائل العربية , فبينما هي هناك منهوكة مذلولة مستعبدة , لا حق لها الا في العيش وإنجاب الأولاد لا سواه , توجد نساء منهن تمتعن بقدر عظيم من المهابة والاحترام والمكانة , ونذكر أمثلة للإيضاح –الخنساء – حذام- جهينة- زرقاء اليمامة- الشيماء بنت الحارث- سفانة بنت حاتم الطائي
8- المرأة في الإسلام: قال الحق سبحانه وتعالى في محكم تنزيله ( ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك ) آل عمران 159 .
خطاب من خالق الكون إلى خليله وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم , الذي أدبه وعلمه وهداه
وأرسله رحمة للعالمين , إن المدقق الفقيه ذو العقل النير والرأي السديد , نقي السريرة يلم إلماما , ويعلم علم اليقين بأخلاق هذا الرجل العظيم المبعوث للثقلين , والذي مدحه ربه وقال ( وإنك لعلى خلق عظيم ) القلم 4 .
هذا النبي الكريم الذي أعاد للمرأة اعتبارها كإنسانة وحررها من القيود والأصفاد والأغلال , وجعل الجنة تحت أقدامها إذا صارت أما , وجعل صحبتها أولا وثانيا وثالثا قبل الرجل إذا صار هو الآخر أبا , وأن الله عز وجل خصها بميزات خلقت من أجلها , ومنحها حقها كمخلوق وثبتها لها , صانها وحماها , ورفع قدرها , إنها تلكم المرأة المسلمة الملتزمة. قال سبحانه وتعالى
( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما) الأحزاب 35 .
اللهم أحفظ نساء نا المؤمنات من الزيغ وسوء الطريق .؟
ابراهيم تايحي