كلمات بقلم الكاتب العراقي أحمد خيري العمري :
عندما ذهبت إلى سوريا احتضنتني كلمة "معوضين" بشدة وخففت من اﻹحساس بالفقدان الذي لابد أن يكون كل العراقيين الذين غادروا وطنهم وبيوتهم ووظائفهم وكل ما كانوا قد بنوه في حياتهم السابقة قد شعروا به. ...
"معوضين" يقولها لك سائق سيارة اﻷجرة الذي قد لا تراه بعدها أبدا بينما أنت تنقده أجرته الضئيلة ، يقولها لك بائع الخبز والحليب وسائق السرفيس " معوضين" في كل مكان. ..وفي كل مرة تمد بها يدك إلى جيبك مهما كانت الليرات الخارجة ضئيلة. ..كنت أحيانا أقول في نفسي هل هناك فعلا حقا ما يعوضنا عن وطننا ؟ عن بغداد ؟ عن أشياء تركناهنا وكنا لا نتخيل مجرد إمكانية الحياة بدونها...
هل هناك حقا ما يعوض أن يكبر ابنك في وطنه ؟!
رغم ذلك...كانت " معوضين " مثل دعاء يومي بأن يعوضنا الله وكان ذلك لوحده نوعا من التعويض...أن تشعر أن هناك من يدعو لك بالعوض...
اليوم أقف ﻷهمس في أذن " سوريا " كلها......"معوضين".....معوضين يا غالية يا وفية يا أصيلة " معوضين" يامن وقفت معنا وحدك بعد الله...وتقفين اليوم وحدك إلا منه عز وجل....
"معوضين". ..وأنت تفقدين اليوم خير أبنائك وصباياك...وأنت تقدمين "خلاصتهم" في خلاصك الحاسم " معوضين " أمام قوافل الشهداء وقوافل المهجرين وقوافل المعذبين واﻷرامل
معوضين...يقولها لك العراقي العابر وهو يعرف أن العوض قادم لا محالة. ..مثلما الفجر قادم لا محالة ومثلما الجيل الذي سيجلب الفجر قادم لا محالة. ..معوضين يا غالية. ..معوضبن بغد أفضل وبسوريا أفضل وبمستقبل يستحق كل تلك التضحيات. ..أعرف فداحة الخسائر التي تصغر أمامها الكلمات. ..لذا لا يملك العراقي العابر أمام وجعك النبيل وشموخك الحزين إلا أن يقول "معوضين"....معوضين!!!