يا قدس يا أماه
وحلت قوافل الرحل قدما من تلكم الفيافي , تقودها ذئاب لباب التاريخ انتزعت منه
العروة , التي بها تمسك الآباء والأجداد , وبها كنا نمسك لإعلاء صرح الحق والفضيلة , فما بال هؤلاء القادمين؟ لرايتنا منتزعين , ألسنا مثلهم ؟......
أما وإن الزمان لغادر ...؟
فكيف أأسى على ما نحن فيه ؟ وما هم عليه؟
أليست هذه مفارقة عجيبة يشيب لهولها الصبيان الرضع ؟ وتداس أمام أعيننا كرامة الشيوخ الركع ؟ وتشح سماء كان بالأمس القريب ضوءها يشع ويلمع.
وهوى الطود العظيم وتمزقت أحشاءه فهرعت إليها الذئاب لكن ابن آوى كان الأسرع.
وتذكرت حينها أقوالا مأثورة :
صمت الجبل يخفي بداخله بركان ثائر
والرجولة أدب وليست فقط لقب
كما أن الأنوثة حياء وليست أزياء
ويمتزج الود بالرحمة والرحمة بالألفة والألفة بالرجولة والأنوثة و ويصعد جميعنا قمم الجبال وتضع الحرة جيلها , مرضعة إياه حليبها , مسدلة عليه حنانها , هامسة في أذنيه : أكبر ... أكبر. فالقدس تناديك يا ابن العرب يا ثائر.
ويكبر الصبية ويشتد ساعدهم فهم أشبال أبناء ضراغم. لكن الذي بينهم ماكان بين قابيل وهابيل, فتجاهلوا أنين القدس وما يعلو أذان الصوامع وما ترن به أجراس الكنائس, فانغمس بعضهم حتى النخاع في الخبث والدس , يا ليت ذلك كان موجها لكل مغتصب ولص.
ابراهيم تايحي