الشاشة المرئية والشبكة العنكبوتية
العقول النيرة والأفكار الخيرة والبصائر المتدبرة , كلها جمعا لا تقبل القسمة على بساط
الأخلاق , ولا ترضى بطرح على بلاط الملوك , ولا تميل لضرب في –بورصة-
الأموال, لأن تركيبتها-أي الأخلاق- منسجمة متلاحمة مع بعضها البعض , بها ساد وتميز
الأنبياء والمرسلون , ومنها استقى السلف الصالح , وعليها بنيت العلاقات الأسرية والاجتماعية
والثقافية والعلمية ... وبهذا نصل إلى حق ثابت في المعرفة والتثقيف, ضمن روابط أخلاقية ,في
أي مجتمع مهما كانت عقيدته ومنهجيته وإيديولوجيته في هذه الحياة , وكل جنوح عن ذلك مبشر أهله بالتدهور والانهيار إن لم أقل انحراف وانتحار ودمار, أو بعبارة أخرى الفراغ الروحي , ذاك الذي تعيشه أغلب الدول اليوم دون استثناء , وما يحز في القلب ما آل إليه حال بعض السفن من العالم العربي والإسلامي , حيث شرائح كثيرة أزت أزا , وقذفت قذفا , ودفعت دفعا نحو ما يعرف بالشبكة العنكبوتية , وأن هذه الشرائح ليست هي منحصرة في فئة معينة بل قل من فئات متعددة , ولا هي محددة في مستوى معين .
إننا لا نعيب الكثير على هذه الشبكة قدر ما نعيب على عشاقها الذين يسبحون , وكل من يسبح تتبلل أطرافه بل جسمه كله , أما الذين يقفون على حدود الشواطئ فهم آمنون , ويفضل الابتعاد عن تلك الشواطئ ليزدادوا أمنا , أما من غاص وأدمن على ذلك فهذا هو الهلاك بأم عينه , ويا ليته أذى نفسه فحسب بل تعدى الأمر إلى آخرين : ذكورا وإناثا – كبارا وصغارا- أثرياء وأغنياء – أميون ومتعلمون ... فنثر الغم وطغى الهم وجرا بأنيابهما ومخالبهما الكثير الكثير
إلى سوء وويل ..... ربما لم يعرفه تاريخ البشرية منذ أحقاب وقرون من الزمن الغابر .
تناثر شعر الرذيلة وحلق شعر الفضيلة ...شنق الشرف والكرم ونصب الفحش والجرم , فلا رادع ولا وازع, الا من رحم رب العالمين , وأمسى كل شريف يشار إليه بالأصابع...
أهذا الذي تقولون عنه تقي سيلحق بالركب ويبقى أمام الشاشة ليلا نهارا قابع.
لطفك يا أرحم الراحمين
ابراهيم تايحي